مقال الدكتور بسام الزعبي (العدد 56)

أنقذوا الاستثمار والمستثمرين.. أنقذوا الأردن!!!

بدون مقدمات أو مجاملات، نتائج مرعبة وصادمة ومحزنة و(مخزية) أظهرها استطلاع منتدى الإستراتيجيات الأردني الذي يشير إلى أن 62% من المستثمرين يرون أن البيئة الاستثمارية في الأردن غير مشجعة، وأن الإجراءات المعقدة، والبيروقراطية (القاتلة)، وغياب الشفافية، والفساد الإداري، أسباب رئيسية وراء ضعف المناخ الاستثماري في المملكة.

النتيجة مرعبة لأنها تفوق الخيال والتوقعات، وصادمة لأننا في القرن الحادي والعشرين وما زلنا نعاني من البيروقراطية، ومحزنة لأن الأردن يستحق أفضل من ذلك بكثير، و(مخزية) لأن الصديق قبل العدو أصبح يجاهر بحجم الفساد والابتزاز الذي يواجهه في الأردن، حتى أن الفساد وصل جهةً يفترض أنها فوق كل الشبهات!!!.

وبعيداً عن التحليل والتنظير، نعود إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة))، ومن هنا تبدأ الحكاية والرواية والمسرحية (الهزيلة) في العديد من مؤسسات ووزارات الدولة المهترئة شكلاً ومضموناً.

القصص والروايات التي سمعتها عن مشاكل وقضايا وويلات المستثمرين على مدار سنوات مضت، وبالذات خلال السنة الأخيرة، تجعلني أشعر بالحزن على الأردن العزيز، فمن خلال تعاملي الدائم مع المسؤولين في الأردن بشكل عام، والمسؤولين عن المؤسسات التي لها علاقة مباشرة مع المستثمرين بشكل خاص، تأكدت أن العلة والمشكلة الكبرى هي في المسؤول (مجرد موظف) الذي يتصدر الواجهة دون كفاءة تذكر، ودون ضمير يذكر، ودون لسان يشكر الله على أن جعله مسؤولاً في الأردن بدعم من فلان أو لأنه ابن فلان.

القصة هي القصة،،، سيارات فخمة، ومكاتب فاخرة، وخدم وحشم، لمسؤول أجوف لا يفرق بين النعمة التي يعيشها، والنقمة التي قد تحل عليه من غضب الله وعباده من المراجعين ودعواتهم، فلا كفاءة ولا ضمير ولا منطق ولا محضر ولا حضور ولا هيبة، ومع ذلك يبقى صاحب المعالي والعطوفة يتغطرس كالطاووس المغرور، دون إنجاز يذكر، ودون هدف معلن، ودون تبرير يقبل.

الرشوة والفساد والمحسوبية تستشري بطريقةً لا يمكن السيطرة عليها، إلا إذا تم الضرب بيد من حديد على كل فاسد ومرتشي ومتآمر على الأردن وأهله، ولا يعقل أن تبقى الأمور على ما هي لأننا نسير نحو الهاوية اقتصادياً واستثمارياً، وقبل كل شيء أخلاقياً.

أنقذوا الاستثمار والمستثمرين.. وأنقذوا الأردن، لأن المحافظة على الاستثمارات القائمة وجلب المزيد من المستثمرين هو طريقنا نحو النهضة الاقتصادية الشاملة، فالاستثمار ينهض بالاقتصاد، ويحد من ظاهرتي الفقر والبطالة لحفظ كرامة الأردنيين، ليبقى الأردن بخير.

فالأردن بخير (كما أشرت في مقالي في العدد السابق) لأن أهله شرفاء، ولديه من الكفاءات المخلصة (النظيفة) القادرة على النهوض به نحو المستقبل بثقة، لتحقيق إنجازات تنقلنا إلى مراحل متقدمة على سلم الدول المتحضرة الناشئة التي تتحدى العالم بإنجازاتها، أما أن يبقى (الضعفاء والتوابع) يتصدرون المشهد، فهذا يعني أننا نتجه نحو الهاوية!!! 

* رئيس تحرير مجلة جوردان لاند الاقتصادية

02-أيلول-2018 17:02 م

نبذة عن الكاتب